لم يكن يعلم سكان مدينة شهارة النائية إن
جسر مدينتهم المعلق والمعروف بجسر شهارة، الذي بني قبل مائة عام تقريباً سيحول في
يوم من الأيام هذه المدينة العريقة إلى مقصد سياحي مهم يأتيه السياح من مختلف
بلدان الدنيا على الرغم من وعورة الطرق المؤدية إلي المدينة التي تقع على بعد 140
كيلومتراً إلى الشمال الغربي من العاصمة صنعاء.
يبلغ ارتفاع أعلى جبل في شهارة ثلاثة ألاف
متر عن مستوى سطح البحر. ويربط جسر شهارة بين جبلي شهارة الأمير وشهارة الفيش.
وبني الجسر عام 1323 هـ الموافق 1904م زمن الأمام يحيى بن محمد حميد الدين رحمه
الله .
ويمثل جسر شهارة احد أهم معالم المدينة ويعد
أعجوبة معمارية وهندسية فريدة، إذ يعود بناؤه إلى عام 1904م كما أشرنا سابقاً وفي
رواية أخرى يعود إلى عام 1894م. قام ببنائه الأسطى صالح الذي طغت شهرة الجسر على
اسمه. الجسر عبارة عن ممر أقيم على تل منحدر ليربط بين جبلين هما: جبل شهارة الفيش
وشهارة الأمير ويبلغ طوله 20 مترا وعرضه ثلاثة أمتار ويرتفع عن قاع الوادي العميق
بأكثر من 300 متر. وحسب المصادر التاريخية، فان الجسر أقيم في الأساس لاختصار
الطريق من خلال وصل الجبلين وتوفير الكثير من الجهد والوقت على السكان على
الجانبين والذين كانوا يضطرون إلى النزول إلى الوادي الذي يفصل الجبلين ثم يصعدون
إلى الجبل الأخر وكان يتعذر عليهم نقل الكثير من الأشياء، فجاء بناء هذا الجسر
للوصل بين السكان الموزعين على قمتي الجبلين ويوحد المدينة بقسميها قبل أن يتحول
إلى معلم سياحي بعد مرور أكثر من مائة عام على تشييده.
وتشير المصادر أيضا إلى إن بناء جسر شهارة
استغرق ثلاثة أعوام وان كلفة بنائه بلغت 100 ألف ريال ذهب (ريال فرنسي) العملة
المتداولة حينها وهذا المبلغ يعد مبلغاً كبيراً جداً وقتها. ويمثل الجسر أشهر قناة
برية معلقة وتحفة معمارية رائعة وعملا هندسيا استثنائيا يمتاز بطابع معماري فريد
على مستوى الجزيرة العربية، كما يتميز بدقة البناء والتكوين الملائم لطبيعة
المنطقة الجبلية التي شيد فيها وهذا ما يفسر اهتمام الزوار الأجانب به كمعلم هندسي
وتاريخي فريد.
ويتداول الناس الكثير من القصص والحكايات
حول الجسر وشهرته ومنها أن الأسطى صالح باني الجسر أصيب بلوثة عقلية عقب إتمام
البناء لأنه لم يصدق انه من أنجز هذا البناء الأعجوبة، كما تنتشر على جانبي
الجبلين نباتات عجيبة ذات أوراق رقيقة بيضاء يطلق عليها الأهالي اسم «مسكرة القطط»
لان القطط ما إن تشم عبير زهور هذه النباتات حتى تتحول إلى كائنات نباتية وتلتهمها
بشراهة ما تلبث أن تترنح بعدها يميناً وشمالاً في حالة سكر ونشوة وما يحكى أيضا عن
ولع القطط بهذه النباتات أنها هاجمت رجلا كان يحمل بعضا منها ولم تتركه إلا بعد إن
رمى لها بما معه.
وتتميز مدينة شهارة إلى جانب ذلك بمقومات
سياحية لا تقل أهميةً وجذباً ومنها سور المدينة المزود بحصون دفاعية وسبعة أبواب
رئيسية تفتح في الصباح وتغلق في المساء، بحيث لا يستطيع احد الدخول إلى المدينة أو
الخروج منها وهي تقاليد تعود إلى القرن الرابع عشر الميلادي، بالإضافة إلى ذلك
هناك عدد من المساجد والقلاع التاريخية التي تضم ألاف المخطوطات القديمة.
وساهم تنفيذ عدد من مشروعات البني التحتية
في السنوات الأخيرة في مجالات المياه والكهرباء والاتصالات والطرق في زيادة تدفق
حركة السياحة الدولية لهذه المدينة التاريخية التي أخرجتها شهرة جسرها من حالة
العزلة التي عاشتها بحكم موقعها الطبيعي وجعلتها حاضرة في أجندة السياح العرب
والأجانب.
تقع شهارة إلى ال شمال الغربي من محافظة عمران
ردحذفوتبعد عنها نحو ) 90 كم(، ويمكن الو صول إليها
من مدينة حوث, ومدينة شهارة هي المركز الإداري
للمديرية المقسمة إدارياً إلى مديريتين ) مديرية
شهارة ، ومديرية المدان(. تتمو ضع المدينة على
الجبلين المتقاربين ال شرقي والغربي والذي يطلق عليهما
) شهارة الفيش (، و) شهارة الأمير(، والذي يرتفع كل
منهما حوالي ) 3000 م( عن مستوى سطح البحر،
ويربطهما جسر أقيم على الأخدود الفاصل بينهما, فقد
كان التواصل بينهما يتطلب الكثير من الوقت والجهد
لصعوبة الطرق والأخاديد ذات الانحدار الشديد والتي
تفصل بين الجبلين فبني عام ) 1323 ه / 1905 م(
في عهد الإمام يحيى بن حميد الدين ج سر يعد من
الإبداعات الهندسية المعمارية اليمنية, كماأقيمت على
الجبل الغربي طريق حجرية مرصوفة تبدأ من بداية
الجسر إلى الأعلى, ونتيجة لانحدار الصخور فقد
اضطر المعمار إلى بناء عقود لكي تقوم عليها عمارة
الطريق المرصوفة وتعتبر الطريق المرصوفة والجسر
تحفة معمارية رائعة وعملاً هندسياً عظيماً
لا تزال مدينة شهارة التاريخية قائمة بكل مكوناتها
المعمارية ) شهارة الأمير ، شهارة الفيش ( ، والجسر
الهندسي المعماري الذي يصل بين الجبلين والمرافق
التابعة لها من حصون ، وأسوار ، وأبواب قديمة ،
ومساجد ، ومدارس تاريخية ، وأحياء عتيقة وصهاريج
المياه ، ومدافن الحبوب .